التخادم العربي الإيراني
بقلم/ حسين صالح السبعاوي
رغم أنه عنوان مستفز إلا أنه الحقيقة بعينها ولو خرجنا من الحرب الكلامية والإعلامية ما بين الأنظمة العربية وبين النظام الإيراني ونظرنا نظرة دقيقة لما هو موجود على الأرض لوجدنا أن التخادم بينهما أكبر بكثير مما بينهما من خلاف وأستطيع القول بأن الذي يجري ما بينهم من تخادم هو نتيجة تحالف استراتيجي وما بينهما من خلاف ما هو إلا تكتيكي مرحلي وإن ممانعة النظام العربي لإيران هو أشبه بممانعة إيران لأمريكا التي صدعت رؤوسنا بها منذ أكثر من ٤٠ عاما والتي سئم منها الشعب الإيراني قبل الشعوب العربية .
ولكي لا يكون هذا الكلام جزافا أو رجما بالغيب أريد أن أذكر بعض ما موجود من أدلة على سياسة التخادم بينهما ولن أدخل في نقاط جدلية بل اعتمد على ما هو معاصر وموجود على الأرض لكي لا ندخل في جدل عقيم يستغله كل منافق عليم اللسان يضلل به جهلة القوم .
وهنا أهم النقاط التي جمعت النظام الإيراني والعربي لإعتماد سياسة التخادم بينهم :
١-الربيع العربى: التوافق بين النظام العربي والإيراني على محاربة الربيع العربي وتبني جبهة الثورة المضادة ضد الشعوب وخاصة في السعودية والإمارات وإيران .
٢-العراق : التوافق بين السعودية والإمارات وإيران على إحتلال العراق سنة ٢٠٠٣ من قبل أمريكا وقد تعاونت جميع هذه الأنظمة مع الولايات المتحدة على إحتلاله .
٣-اليمن : نجد أن التخادم الذي جمع هذه الأنظمة كان سبباً لدمارها فإيران تدعم الحوثي والإمارات والسعودية يدعمون المجلس الانفصالي في الجنوب الذي أسس من قبلهم على حساب الحكومة الشرعية في اليمن، مما أدى إلى تدمير اليمن وقتل الآلاف من المدنيين وتهجير عشرات الآلاف إلى الدول الأخرى .
٤-ليبيا : اتفقت هذه الأنظمة مع إيران على دعم اللواء الإنقلابي خليفة حفتر ضد الحكومة الشرعية بقيادة فائز السراج، علما أن ليبيا لا تحد أي من هؤلاء بحدود لا برية ولا بحرية بل كان تدخلهم مجرد لمحاربة الشعب الليبي ونشر الفوضى فيه خدمة لمصالح الدول الاستعمارية .
٥-سوريا : التي كاد النظام فيها أن يسقط بيد الثوار نجد الدعم الإيراني اللامحدود للنظام وتراجع الدور العربي فيها ثم تحول إلى داعم لنظام بشار الأسد وشيطنة الثورة السورية فأصبح النظام مدعوما عربيا وايرانياً ضد شعبه .
٦-مصر : تعتبر السعودية والإمارات هما الداعم الأول للانقلاب الذي حدث فيها سنة ٢٠١٣ بينما نجد إيران مؤيدة لهذا الانقلاب وأظهرت بهجتها لما حصل، وكذلك حلفائها أمثال حزب الله في لبنان الذي ايد هذا الانقلاب .
وهناك تخادم كبير بين هذه الأنظمة والنظام الإيراني لكن نكتفي بهذه النقاط واللبيب بالإشارة يفهم .
لكن السؤال المهم هنا ما الذي جعل هذا التخادم بينهما؟
إن السبب الرئيسي لهذا التخادم هو لضمان بقائهم في السلطة ومحاربة أي مشروع ديمقراطي تتنفس الشعوب حريتها من خلاله لأن حرية الشعوب وتداول السلطة بطريقة حرة ديمقراطية ستذهب بهؤلاء إلى مزبلة التاريخ أما السبب الثاني هو الدعم الدولي لبقاء هذه الأنظمة المتسلطة على شعوبها والقائمة على رعاية مصالح الدول الكبرى على أفضل وجه وقد لا حظنا كيف دعم الانقلاب الذي حدث في مصر ضد أول رئيس مدني منتخب من قبل الدول الكبرى والتي التزمت الصمت إتجاه ما قام به وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي ضد الرئيس محمد مرسي رحمه الله .
هذا من جهة ومن جهة أخرى هل وجد المتابع العربي هناك جدية من قبل الأنظمة العربية بتحرير الأراضي والمدن العربية التي احتلتها إيران مثل الأحواز التي احتلتها سنة ١٩٢٤ وأصبحت جزءا من إيران وكذلك الجزر العربية الإماراتية الثلاث التي احتلتها وهي كل من طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى سنة ١٩٧١ ؟ أم هناك تواطئ معها لكل ما جرى ؟ وهل الجامعة العربية عقدت اجتماعا يوما ما ووضعت هذه المدن المحتلة ضمن جدول أعمالها أم لا يوجد على جدول أعمالها إلا محاربة الحريات وشيطنة الشعوب بحجة محاربة الإرهاب لضمان بقاء هذه الدكتاتوريات على رأس السلطة لقمع الشعوب ورعاية مصالح الدول الكبرى التي أوجدتهم حراسا لمصالحها .
أخيرا : لو كان بينهما صراع حقيقي لماذا لا تدعم المعارضة الإيرانية من قبل الأنظمة العربية علما أن أغلبية الشعب الإيراني هو معارض للنظام الحاكم الآن وهناك تنوع في المعارضة ففيها المعارضة المسلحة والمعارضة السياسية والمجتمعية والقومية والعرقية والدينية ومع هذا لا يجد أي فصيل معارض للنظام دعما من قبل الأنظمة العربية .
من خلال هذا العرض على المواطن العربي أن ينظر لما هو موجود على الأرض ولا ينشغل بالحرب الكلامية بينهما، كما أن على النخب العربية وقيادتها البحث عن مشروع خلاص من هذه الأنظمة المتخادمة بعيدا عن التطرف والقومية وعدم الإتكال على الخلاف المزعوم بين هذه الأنظمة والنظام الإيراني التي اشغلت الشعوب بعيدا عن أي مشروع تحرري كذلك عليهم البحث عن الداعم الخارجي الأمين الذي لا يغدر بهم كما حصل في اليمن .
( وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ )