“قرار الضم”.. مشهد جديد من النكسات المستمرة التي لن يمر
بقلم: أميرة فؤاد النحال
كاتبة وباحثة فلسطينية
أعلن رئيس وزراء العدو الصهيوني المجرم نتنياهو الذي لا يزال غارقاً في ملفات الفساد، عن خطة للاستيلاء على أراضي فلسطينية من الضفة الغربية المحتلة، لم تتضح معالمها بعد، والتي من المفترض أن يتم البدء في تنفيذها في 1 يوليو / تموز 2020، أملاً في تعزيز قاعدته السياسية.
ما لا تعرفه عن الضفة الغربية..
تقع الضفة الغربية غرب (الأردن) التي تحدها من الشرق، ويُحيط بها الكيان الصهيوني من الشمال والغرب والجنوب، وقد قامت السلطات الأردنية بتسميتها “الضفة الغربية” لأنها تقع غرب نهر الأردن، في حين أن معظم أراضي المملكة الأردنية الهاشمية تقع شرقي النهر، وتم ذلك في مؤتمر أريحا 1951م، بإشراف الحاكم العسكري الأردني العام “عمر باشا مطر”، وبرئاسة الشيخ “محمد علي الجعبري” الذي كان في ذلك الوقت رئيساً لبلدية الخليل، وقد أحضر معه مائتي شخص مُسلح من جماعته لحضور المؤتمر لمنع أي اعتراض من شأنه أن يُعطل القرار الذي أقره المؤتمر، وهو وحدة الضفة الغربية والضفة الشرقية (الأردن)، تحت ظل العرش الهاشمي، وقال حينها الملك عبد الله: “لقد حمّلتموني حملاَ ثقيلاً وإنني سأبذل جهدي في سبيل أداء هذه الأمانة”، وبموجب هذا القرار اُعتُبر أهالي الضفة الغربية مواطنين أردنيين حتى عام 1988م حيث أعلن الملك الحسين بن طلال فك الارتباط القانوني والإداري والمالي، بناءاً على طلب منظمة التحرير الفلسطينية واستثناء الأوقاف التي لا تزال مرتبطة بالحكومة الأردنية حتى اليوم، وفي 5 حزيران 1967م احتل الصهاينة الضفة الغربية، وفقد الجيش الأردني سيادته على المنطقة، وفي عام 2002م تم بناء جدار الفصل العنصري على أرض الضفة الغربية بحجة حماية ما يُسمى بـ “إسرائيل”، والذي أدى لعزل مدن وبلدات فلسطينية بكاملها عن مُحيطها الفلسطيني، ويبلغ عدد سكانها حسب الجهاز المركزي للإحصاء في بيان صدر عنه في نهاية عام 2019م 3.020 مليون نسمة.
وحسب المواقع العبرية فإن خُطة الاستيلاء التي يسعى الاحتلال الصهيوني لتنفيذها في الضفة الغربية ستكون من خلال الاستيلاء على 43 قرية فلسطينية يعيش فيها أكثر من 110 آلاف فلسطيني -غالبيتهم في غور الأردن- ستتحول لمناطق معزولة ومُحاصرة بجدار الفصل العنصري الذي سيحيط بها من جميع الجهات، مما يجعل سكان هذه القرى سُجناء مُحاصرين ومعزولين عن المحيط الخارجي، وهناك طواقم مسح ميداني صهيونية تقوم برسم الحدود، وشق طُرق للمغتصبات الصهيونية، وربطها بالمناطق الكبرى، وفعلياً؛ هُناك تحركات حثيثة للجرافات الصهيونية تعمل منذ أسابيع في شق الطرق بين المغتصبات، والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، وتسليم المواطنين الفلسطينيين قرارات تقضي بالاستيلاء على أجزاء من أراضيهم، كما حدث مع أهالي قريتي حلبة والنبي إلياس، وأراضي فروش بيت دجن التي لم تتوقف فيها الجرافات الصهيونية عن العمل، وهناك قرارات من “مجلس التجمعات الاستيطانية” “يشع” لتوسيع مغتصبة “آدم” شمال شرق مدينة القدس بواقع 1294 وحدة سكنية.
تفاصيل عملية الضم ليست واضحة المعالم حتى الآن، ويعتقد بعض المُحللين أن عملية الضم ستكون لجميع أراضي المنطقة المُصنفة “ج” بالضفة الغربية، بموجب اتفاقية “أوسلو” التي تسمح بضم 30% من الضفة الغربية بما في ذلك غور الأردن و130 “مغتصبة” صهيونية غير قانونية تضم 400 ألف مُغتصب صهيوني، بينما يرى دبلوماسيون آخرون أن عملية الضم قد تشمل ضم غور الأردن إلى الكيان الصهيوني والتي يقطنها حالياً 56 ألف مواطن فلسطيني و11 ألف مغتصب صهيوني، أما السيناريو المُرجح لخطة الضم حسب محللين هو ضم الكتل “الاستيطانية” الرئيسة، وهي “معاليه أدوميم” و”أرييل” و”غوش عتصيون” التي يبلغ عدد المغتصبين فيها 85 ألف مُغتصب صهيوني، مما سيُؤدي لفصل أجزاء كبيرة من الضفة الغربية ومدينة القدس.
ورغم أن موقف الإدارة الأمريكية لم يُقدم حتى الآن أي مؤشر بشأن تفاصيل خطة نتنياهو، إلا أن تصريحات وزير الخارجية الأمريكي “مايك بومبيو” الذي قال: “أن الإسرائيليين هم أصحاب القرار في هذا الموضوع”، يوضح الانحياز التام للتحركات الصهيونية ومُساندتهم لنتنياهو الذي يرى في “ترامب” حليف تاريخي لكيانه، وهي فرصة تاريخية يُحاول استغلالها من أجل تمرير مشروعاته الإجرامية.
الكل الفلسطيني يؤكد رفضه المخططات الصهيونية للاستيلاء على أي جزء من فلسطين، ويعتبر هذه الخطة جريمة بحق الشعب الفلسطيني، وسرقة لأراضيه الفلسطينية، وصفعة للقانون الدولي الذي فشل في تحقيق الحماية لشعب أعزل، تُرتكب المجازر بحقه منذ أكثر من 70 عاماً وسط صمت مُنكر، وانتكاسة لقرارات الجمعية العامة التي كانت مجرد قرارات على ورق، لم تُلزم الاحتلال الصهيوني بتنفيذها، أهم هذه القرارات قرار 242 عام 1967م الذي دعا إلى “انسحاب إسرائيل من كامل الأراضي التي احتلتها عام 1967م”، وآخرها القرار الذي أصدرته الجمعية في 19 ديسمبر 2019الذي أكدت فيه على “عدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالقوة”، أما المقاومة الفلسطينية فقد قالت كلمتها، أن خطة نتنياهو هي بمثابة إعلان حرب على الشعب الفلسطيني .
كل السيناريوهات المطروحة لتنفيذ خطة نتنياهو سواء من حيث المبدأ أو التوقيت أو الاستراتيجية هي مرفوضة جملةً وتفصيلاً، وهي لعناتُ “أوسلو” التي لا تزال حاضرة رغم أن عرّافُوها لّفهم التُراب منذ سنين، تاركين خلفهم شعبُ يتجرع ويلاتها المستمرة تحت مسمياتٍ سامة “الضم”، وكأن فلسطين ملك يمينهم، يُصارعون من أجل ضمها لسيادتهم.
أما نحن الفلسطيني نُعلنها في كل زمان ومكان، أننا نرفض المُسمى والمضمون، ونوجهها رسالة لكل وسائل الإعلام برفض المسمى “عملية ضم”، وعدم تداوله إعلامياً، لأنها “خطة اغتصاب” لما تبقى من فلسطين المحتلة.