وقائع زيارة غير معلنة لشعبة الأجانب “اليابانجي” في سلطان بيلي

بقلم/ زكي الدروبي

صحفي سوري

تتناقل مواقع التواصل الاجتماعي أخباراً مختلفة عن التعامل السيء لموظفي شعبة الأجانب “اليابانجي” في دائرة الهجرة والجوازات، الأمر الذي جعلني متوتراً أثناء زيارتي لتحديث بيانات بطاقة الحماية المؤقتة “الكيملك” في الشعبة الموجودة بمنطقة السلطان بيلي بالطرف الآسيوي من اسطنبول.
وصلت في الثامنة صباحاً بعد وقت طويل قضيته بانتظار مرور جائحة كورونا واعادة فتح المصالح الحكومية التركية، لأجد دوراً طويلاً يقف فيه ما يفوق ال 200 شخص، بينهم أسر وعائلات وأطفال، توزعوا على طابور من ثلاثة أقسام موازية لسور الشعبة يبدأ من بابها ويمتد على طول السور ثم يعود في خط مواز للآخر باتجاه الباب ليعود الرتل الثالث متجهاً إلى عمق الحي المتواجد فيه مبنى الشعبة، وبجانبها محل سندويش وعصائر سوري توزع على كراسيه وطاولاته عدد من النساء والأطفال والشيوخ.
في التاسعة تقريباً طلب الشرطي من المتواجدين الالتزام بمسافة التباعد الاجتماعي، ووضع الكمامات تماشياً مع اللوحات الدلالية الكثيرة الموضوعة باللغة العربية على سور الشعبة، والتي تشرح سبل الوقاية من فيروس كورونا المستجد، وماهي إلا دقائق وبدأ المراجعون بالدخول إلى داخل الشعبة ليستقبلهم موظفون أتراك يتقنون اللغة العربية، ويفحصون وثائقهم ويتأكدون من سلامتها وخلوها من الخلل ثم يوجهونهم للوقوف في الطابور للدخول إلى داخل المبنى، ومن كان لديه خلل في وثائقه أو نقص فيتم إخراجه من باب آخر ليتلافى النقص ويعود إليهم فيما بعد.
كنت أتألم بسبب مرض الديسك الذي أصابني وسبب لي آلاماً مبرحة عند الوقوف على قدماي، لذلك فإنني كنت أجلس القرفصاء، وما إن يمشي الدور قليلاً حتى أقوم ماشياً مقترباً من زميلي الذي سبقني وأعاود الجلوس بوضعية القرفصاء.
انتبهت إحدى الموظفات لوضعي فأدخلوني مباشرة ووجهوني للجلوس بداخل صالة الانتظار بدلاً من الوقوف على الطابور الطويل بعد فحص وثائقي والتأكد من سلامتها وجهوزيتها.
ماهي إلا ساعة من الزمن قضيتها بتوتر – خصوصاً بعد أن شاهدت البوليس يخرج شخص من داخل المبنى ويداه مصفدتان ليضعانه في سيارتهم وينطلقان – حتى يأتي دوري لأذهب إلى موظف في الطابق الثاني، وفوجئت بالاستقبال والوجه المبتسم الذي حاول تهدئة خواطري عبر الاعتذار لطول فترة الانتظار، متسائلاً عن سبب مشيتي العرجاء، متمنياً لي بلغة عربية جيدة بالشفاء العاجل متمنياً دوام الصحة والعافية. خلال دقائق كان قد تحقق من وثائقي وملئ البيانات على الحاسوب الموجود أمامه، وأخذ بصمتي وصورة لوجهي وغير البيانات القديمة الموجودة لديه لبيانات جديدة أمليتها عليه كرقم هاتفي ومكان سكني الجديد، وانتهت العلمية بسلاسة لم أكن أتوقعها، وبترحيب واحترام كبير من قبل الموظف القائم على العملية.
التناقض بين ما كنت أسمعه من خلال وسائل التواصل الاجتماعي عن التعامل السيئ لموظفي شعبة الاجانب في دائرة الهجرة والجوازات، وبين ما شهدته بعيني من حسن استقبال وأدب في التعامل واحترام المراجعين، دفعني لأسأل أحد الموظفين الذين يتكلمون العربية خلال دردشة لدقائق قضيناها ونحن ننزل درج المبنى للطابق الأرضي عن سبب ما يشاع عنهم في وسائل التواصل الاجتماعي، فأخبرني أنهم يستقبلون يومياً ما يقارب من 250 سوري وضمن هذا العدد يحدث أن يكون هناك من لديه معاملة غير قانونية كنقص في وثائقه أو أوراقه مزورة، وبالتالي فنحن مضطرون لرفض معاملته، فيقوم البعض منهم بالإصرار علينا من أجل قبول معاملته، لكننا لا نستطيع تجاوز القانون وقبول معاملة غير قانونية، فنرفض، فيقوم بالهجوم علينا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي واتهامنا بأننا نعرقل معاملاتهم ويعمل على تشويه صورتنا، رغم أنك رأيت الواقع وشاهدت كيف نحاول خدمة الجميع دون استثناء، وأحياناً يكون التشويه مقصود متعمد بسبب السياسة من دول تكره تركيا وتحاول الاساءة لها.
ولكن ألا يسبب هذا انتشار شائعات مغلوطة تسيء لكم وتخرب العلاقة بينكم وبين السوريين، سألت محدثي، فأجابني بأن الادارة العامة في أنقرة أو والي اسطنبول وحين تنتشر إشاعة مغلوطة تسيء للدائرة فإنها تصدر تصريح صحفي يفند الادعاءات ويشرح الواقعة الحقيقية. وهل من دورات تأهيل تقومون بها لموظفيكم سألت محدثي، فقال نعم، ترسلنا الإدارة كموظفين لاتباع دورات في كيفية التعامل الأفضل مع اللاجئين السوريين.
شكوت لمحدثي أنني وقفت لساعة خارج المبنى وأنا مريض مما اضطرني للجلوس قرفصاء على الأرض كما أن المكان مكشوف تحت الشمس والمطر، فأخبرني أن الإدارة طلبت تفصيل كراسي ستضعها من أجل الانتظار ومظلة ستمدها خارج المبنى من أجل الشمس والمطر، وأضاف بأنه تصدف أن يؤذن لصلاة الضهر ويرغب المراجع بتأدية فرض الصلاة وكما ترى فالمكان ضيق والشارع في الخارج ضيق أيضا ولا نستطيع بناء مصلى في الشارع فابتكرنا صيغة الإذن المؤقت، وفيه يعطى المراجع الذي يرغب بالخروج من المبنى وأداء فرض الصلاة وصلاً مؤقتاً، فيذهب ليصلي في المسجد القريب ويعود إلينا ويدخل المبنى مرة أخرى من خلال الوصل الذي أعطي له. وصلت الطابق الأرضي، وتأكدت من موظف الاستقبال أنني أنهيت معاملتي، وأنه لا ينقصها ختم أو أي شيء، وخرجت من المبنى بعد شكر محدثي وموظفي الاستقبال على لباقتهم وأدبهم في التعامل مع المراجعين

التعاليق: 0

لن يتم نشر بريدك الالكتروني, الحقول المشار اليها بـ * مطلوبة.

WhatsApp chat