تركيا في مواجهة حلف الرذيلة
بقلم/ حسين محمد أوغلو
تواجه تركيا اليوم أقذر حلفاً تقوده فرنسا وقد جمعت فيه الأراذل من الأنظمة العربية وحاشيتها واليونان والصهاينة ( إسرائيل ) وغيرهم من سقط المتاع لمواجهة تركيا التي أصبحت ملاذاً للمظلومين والمهاجرين من جميع أقطاب الأرض، هذه الحملة لا تستند إلى أي قانون دولي أو حق شرعي أو حتى عرف عالمي بل هي بلطجة صليبية بزعامة فرنسا لأن تركيا الديمقراطية صاحبة النهضة العلمية والتي تسعى أن تكون دولة مستقلة ذات سيادة في قرارها ومكتفية ذاتياً بمواردها وإنتاجها لا تروق لفرنسا بل تريد لها التبعية العمياء كما هو حال في لبنان وبقية الأنظمة العربية ، قد أتفهم التحالف الأوروبي ضد تركيا بما يحملون من ديانة واحدة وثقافة مشتركة لكن ما لا يقبله العقل والمنطق أن تشارك بعض الأنظمة العربية هذه الحملة ذات الطابع الصليبي ضد تركيا المسلمة هؤلاء الأعراب لا فيهم قيم الإسلام ولا شهامة العربي الأصيل، لقد سخٌروا أموالهم ومواردهم خدمة لكل من يحارب الإسلام والمسلمين، وعلى كل من يطالب بالحرية والديمقراطية لتبقى هذه الدول ترزخ تحت حكم الدكتاتوريات المتوارثة خدمة للدول الكبرى التي جعلت منهم أنظمة وظيفية وخدمية ترعى مصالحها على حساب مصالح الشعوب، وكأن التاريخ يعيد نفسه اليوم فكما وقف هؤلاء الأعراب وخونة الأمة مع بريطانيا ضد الدولة العثمانية سنة ١٩١٦ وما قبلها في الحرب العالمية الأولى يقف اليوم أحفادهم مع فرنسا ومع كل من يعادي تركيا التي تمثل نهضة الأمة والتي تحاول إستعادة مجدها التليد الذي سلبه الغرب بالتعاون مع هؤلاء الأعراب .
بعد انكشاف أهداف هذا الحلف ( الصهيوصليبي ) لا يمكن لأي إنسان حر ومسلم أن يقف موقف المتفرج بحجة الحيادية، هذه الحيادية السلبية التي أفضل من وصفها مارتن لوثر عندما قال إن أسوأ مكان في الجحيم مخصص لأولئك الذين يقفون على الحياد في القضايا الأخلاقية الكبرى !
لقد فات على ماكرون أن المعادلة التي اعتمدتها بربطانيا في الأمس قد تغيرت اليوم ويمكن أن نلخص أهم الاختلافات التي طرأت على هذه المعادلة :
١- كان يطلق على تركيا في تلك الفترة بالرجل المريض بسبب ما تعانيه من ضعف وترهل وانقسام داخل الدولة أما اليوم فالأمر مختلف ومن يوصف بالمرض والشيخوخة هي أوروبا التي يطلق عليها القارة العجوز .
٢- تركيا العدالة اليوم بزعامة الرئيس أردوغان ليست تركيا الاتحاد والترقي في تلك الفترة .
٣- بن زايد وأمثاله اليوم هم من حثالة البشر و لا فيهم من الكارزما كما في الشريف حسين بن علي سابقاً الذي التف حوله بعض العرب فهؤلاء ترفضهم شعوبهم وأهل الأرض جميعا بسبب خستهم ونذالتهم وما قاموا به من إشعال الحرائق في المنطقة راح ضحيتها خيرة أبناء الأمة .
٤- الوعي الشعبي العام لدى الجمهور العربي والإسلامي مما يراد له من إستهداف لهويته وعقيدته على خلاف ما كان عليه الحال في القرن الماضي من تخلف وجهل .
أمام هذه المعطيات وما حدث من تغييرات جوهرية خلال المائة العام الماضية لا يمكن أن تكون الفرصة موآتية لفرنسا كما كانت لبريطانيا سابقاً، لكن هذا لا يقلل من حجم الخطر الموجود الآن ضد تركيا وما يراد لها خصوصاً أنها مشغولة في عدة جبهات داخلية وخارجية .
فهناك منظمات إرهابية تتحين الفرصة وقد تعاونت مع جميع أعداء تركيا حتى أصبحت أداة بيدهم يستخدمونها كيف ما يشاءون، أما الحدود فأصبح جميعها غير آمنة مثل الحدود السورية والعراقية وحتى الإيرانية غير آمنة فإيران تحرك أدواتها وحلفائها ضد تركيا مثل حزب العمال وغيره من المنظمات الإرهابية أما الحدود البحرية فتعتبر اليونان أسوء جار بحري لتركيا لأنها لم تتخلص من أحقادها التاريخية القديمة كما أن الدول الأوروبية منحازة لها بشكل سافر ضد تركيا وأحيانا تطالب منها التحرش بها …
لكن ما يدعوا الى التفائل هو قوة تركيا الصاعدة والتفاف الشعب حولها إضافة للتخلص من بعض العناصر المرتبطة بتنظيم غولن الإرهابي خصوصا بعد الانقلاب الفاشل في تموز ٢٠١٦ والأهم من هذا كله هو صدق القضية التي تتبناها تركيا اليوم وهي رفع الظلم عنها وعن بقية الشعوب المظلومة ونشر الحرية والعدالة فيها وهذه القيم عادة ما تكون عالمية يصعب مواجهتها بمشاريع عدوانية عنصرية كالذي يتبناه اليوم ماكرون ومن جعل من نفسه أداة تستخدمه قوى الشر.
إذاً حقيقة الصراع اليوم هو بين أهل الرذيلة وأهل الفضيلة وهذا النوع من الصراع لا توجد فيه مناطق رمادية ولا مواقف حيادية، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .