التطبيع في مواجهة تركيا أم إيران

بقلم/ حسين صالح السبعاوي

ظهرت موجة التطبيع في هذا العام من قبل الأنظمة العربية مع الصهاينة ( إسرائيل ) ومن أبرز المطبعين هو كل من الإمارات والبحرين ومصر وقريبا تلتحق بهم السعودية لأنه كل شيء جاهز في السعودية للتطبيع سوى البروتوكول والإعلان الرسمي وقد بررت هذه الأنظمة أن سبب التطبيع مع الصهاينة هو لمواجهة إيران وتمددها في المنطقة ورغم أن التمدد الإيراني في المنطقة وسياساتها الخارجية التي اعتمدت على مبدأ تصدير الثورة مرفوضة جملة وتفصيلا ولا بد من مواجهة هذا المشروع التوسعي بمشروع عربي مستقل إلا أن الإعتماد على التطبيع لمواجهة إيران ما هو إلا كذب وافتراء لأن الصهاينة لم ولن يدخلوا في مواجهة مع إيران من أجل سواد عيون الأنظمة العربية وشعوبها كما أن أغلب الدول التي ذهبت للتطبيع لم تدخل في مواجهة عسكرية مع ( إسرائيل ) الصهاينة ولا تربطهم حدود دولية مشتركة بل لا يوجد أي عداء بينهم وهناك علاقات سرية ومصالح مشتركة تربطهم مع بعض، اذاً ما يجري هو تحالف وليس تطبيع بحسب المعطيات الموجودة على أرض الواقع .

وهنا لابد من تفكيك الخطاب الإعلامي الذي يتبناه المطبعين الذين روجوا كثيرا بأنهم لجأوا للتطبيع في مواجهة إيران والشعوب تشكك في هذه الرواية للأسباب التالية :

١- لا يوجد مشروع عربي لمواجهة إيران بالأصل .

٢- هناك تخادم ما بين الأنظمة العربية وإيران خاصة في مواجهة الربيع العربي بحيث أصبحوا في خندق واحد للثورة المضادة لمواجهة الشعوب المطالبة بالحرية والديمقراطية .

٣- أكبر تعامل تجاري في دول الخليج هو ما بين الإمارات وإيران حيث بلغ حجم التجارة السنوي بينهما قرابة ١٣ مليار دولار كما إن أكبر جالية في الإمارات هي الجالية الإيرانية التي اشتهرت بالتعامل المصرفي وغسيل الأموال .

٤- لم تدخل هذه الدول بمجموعها وفيما بينها أي مواجهة عسكرية… بينما عندما نسمع تصريحات المسؤولين في الدول العربية وكأن جيوشها مستعدة للمواجهة مع إيران وتحتاج فقط تحييد ( إسرائيل ) في هذا التطبيع قبل المواجهة !

من خلال أعلاه يثبت لنا بما لا يقبل الشك أن التطبيع ليس لمواجهة إيران .

إذا ما قيمة هذا التطبيع سياسياً وما هي أسبابه؟ 

أعتقد جازما أن التطبيع هو لا يخدم الشعوب العربية والإسلامية ولا يخدم القضية الفلسطينية نفسها بل هناك مآرب أخرى لهذا التطبيع يمكن أن نجملها بما يلي :

١- التطبيع هو مطلب صهيوني لتحييد القضية الفلسطينية وعزلها عن باقي الدول العربية وشعوبها .

٢- التطبيع هو لمواجهة تركيا ومحاصرتها خصوصاً بعد بزوغ نجمها بقيادة الرئيس أردوغان الذي نقل تركيا من التبعية إلى الاستقلالية في القرار الوطني والذي جعل تركيا في مصاف الدول المتقدمة عالميا .

٣- التطبيع يخدم الأنظمة العربية في ديمومة بقائها على رأس السلطة ويمنحها قمع أي منافس لها من الشعوب وهذا يثبت بأن هذه الأنظمة هي أنظمة خدمية ولا تملك أي إرادة وطنية .

إن المتابع لما يجري على الأرض وبنفس التوقيت الذي بدأ فيه التطبيع يجد أن هناك عدة حملات عدوانية شنت ضد تركيا من قبل المطبعين والصهاينة في آنٍ واحد منها التحالف مع اليونان ضد تركيا وخاصة في قضية الخلاف بينهما حول الحدود البحرية والتنقيب عن الغاز والنفط مروراً بدعم الحركات والمنظمات الإرهابية التي تستهدف تركيا سواء في سوريا أو في جنوب تركيا، وأخيرا حملة المقاطعة للبضائع التركية التي تبناها النظام السعودي ضد تركيا وهذه لن تكون الأخيرة وستظهر لا حقاً حملات أخرى ضد تركيا من قبل أنظمة التطبيع ومن الجدير بالذكر أن الشعوب العربية متعاطفة مع تركيا وتدعمها بالغالي والنفيس ولكن الحائل ما بين هذه الشعوب وما بين تركيا هي الأنظمة الفاقدة للشرعية والتي تبنت العداء لتركيا من طرف واحد خدمة للمشروع الصهيوأمريكي الذي يريد إعادة إحتلال المنطقة من جديد وتقسيم المقسم فيها بعد نهب خيراتها واستهداف هويتها وعقيدتها الإسلامية .

إن تركيا اليوم في مواجهة مع حلف الرذيلة الذي يستهدف الهوية العربية والإسلامية معاً ويستهدف أي محاولة للتخلص من الهيمنة الأجنبية التي أذاقت شعوب المنطقة الذل والهوان ولا يمكن لأي إنسان حر وشريف في هذه المعركة الأخلاقية أن يقف في المناطق الرمادية متفرجاً على ما يجري لأن هذا النوع من المعارك لا يسمح بالوقوف متفرجاً بحجة الحيادية بل لا بد من وقفة جادة تنحاز للحق في وجه الباطل لتزهقه إن الباطل كان زهوقا .

( ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين )

 

التعاليق: 0

لن يتم نشر بريدك الالكتروني, الحقول المشار اليها بـ * مطلوبة.

WhatsApp chat