أبعاد زيارات الكاظمي إلى السعودية والإمارات

حسين صالح السبعاوي on Twitter: "شكرا لكم هذا كرمكم...… "

بقلم/ الباحث صالح السبعاوي

أجرى رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي زيارتين خلال إسبوع واحد كانت الأولى إلى السعودية بتاريخ ٣/٣١ والثانية إلى الإمارات في يوم ٤/٤ ومن الملاحظ أن كلا الزيارتين تحمل نفس الأهداف لكل منهما وهي ذات طابع اقتصادي واستثماري في مجال الطاقة والزراعة وهذا معروف من خلال الوفد المرافق لرئيس الوزراء حيث رافقه كل من وزير المالية والنفط والزراعة وقد تم التوقيع على خمسة إتفاقيات مع المملكة السعودية كلها في مجالات الطاقة والإستثمار وبقية المجالات ذات الطابع الإقتصادي، كما ان كلا الدولتين قد حددت ٣ مليارات لحجم الإستثمار في العراق، لكن مالم يعلن عنه من إتفاقيات هو المجال الأمني حيث رافق الكاظمي في زيارته وزير الداخلية العراقي وبعض الشخصيات الأمنية.

وهنا تطرح عدة تساؤلات حول الأهداف الحقيقية لزيارة الكاظمي إلى كل من السعودية والإمارات وقد أشارت بعض المواقع والقنوات الإخبارية بأن أهداف زيارة الكاظمي هو الاستعانة بالسعودية والإمارات للعودة إلى الحضن العربي ومواجهة النفوذ الإيراني في العراق! حتى نعرف الأهداف الحقيقية لزيارة رئيس الوزراء وهل فعلا هو يريد مواجهة النفوذ الإيراني في العراق من خلال السعودية والإمارات؟ هناك سؤال مهم والإجابة عليه سوف تحدد الأهداف الحقيقية لهذه الزيارة وهو هل الكاظمي قادر على مواجهة النفوذ الإيراني ويرغب في ذلك، وهل السعودية والإمارات جادين في دعم العراق وعودته الى الحضن العربي ضمن مشروع الوحدة العربية؟

بالنسبة لرئيس الوزراء العراقي هو جزء من منظومة سياسية تهيمن عليها إيران وإن شرعيته في الحكم تستمد من الكتل السياسية في البرلمان العراقي وخاصة كتلة الفتح بزعامة هادي العامري وسائرون بزعامة مقتدى الصدر وهما أكبر الكتل السياسية في البرلمان ولهم ولاء شبه مطلق لإيران وينفذون أجندتها على الساحة العراقية فكيف يستطيع الكاظمي وهو بهذا الضعف أن يستعين بدولة مثل السعودية او الإمارات لمواجهة إيران هذا الأمر لا يستقيم ولا يقبله العقل ولا المنطق .

أما هل السعودية والإمارات جادين في دعم العراق للتخلص من الهيمنة الإيرانية أعتقد أن كلا الدولتين في وضع لا يحسد عليه وهم في حالة من الضعف لايؤلهما للعب مثل هذا الدور الكبير  فالسعودية تعاني منذ سنوات من هجمات الحوثي عليها من جهة الجنوب فكيف لها أن تفتح على نفسها جبهة جديدة من جهة الشمال خصوصا أن المليشيات قد هددت السعودية عدة مرات وتشتمها في الليل والنهار عبر قنواتها الفضائية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي يوميا، في الوقت أن المملكة السعودية استقبلت أغلب القيادات الشيعية الموالية لإيران وقد اكرمتهم كثيرا وتطلب ودهم ورضاهم… اما الإمارات العربية فهي حليف لإيران وهي أكبر شريك تجاري له حيث يبلغ حجم التجارة بينهما إلى قرابة ١٥ مليار دولار سنويا وفيها أكبر جالية إيرانية تنشط  في مجال غسيل الأموال والإستثمار… أمام كل هذا هل من المعقول أن تدعم الإمارات توجه العراق للخلاص من الهيمنة الإيرانية في الوقت الذي هي عاجزة عن تحرير جزرها الثلاث المحتلة من قبل إيران فهذا أمر غير منطقي ولا يقبل به عاقل خصوصا لمن يعرف كيف تدار السياسة الخارجية لهذه الدول الثلاث العراق والسعودية والإمارات. إذاً ما هو الهدف الحقيقي لهذه التحركات على الساحة العراقية سيما أن العراق يريد عقد مؤتمر قمة ثلاثي مع مصر والأردن في بغداد الا أنه تأجل عدة مرات لأسباب غير مقنعة…

وهنا لابد من الإشارة أن أهداف هذه القمة الثلاثية هي لن تكون على غرار مجلس التعاون العربي الذي تأسس في شباط عام ١٩٨٩ والذي كان مقره في الأردن وكانت اليمن ضمن هذا المجلس مع هذه الدول الثلاث، بل إن أهداف القمة الثلاثية المزمع عقدها في بغداد مع الزيارات التي قام بها رئيس الوزراء العراقي لكل من السعودية والإمارات هو لرسم سياسة جديدة لمنطقة الشرق الأوسط وفق الرؤية الأمريكية التي تخدم الكيان الصهيوني وهي تدعم عملية التطبيع بصورة مباشرة أو غير مباشر وكما هو معلوم أن جميع هذه الدول اليوم ليس لديها مشكلة مع الكيان الصهيوني وبعضها ذهب للتطبيع معه علانية والأخرى تؤيده ضمناً ولها علاقات غير معلنة مع إسرائيل، لذى أعتقد أن المشروع هو إعادة تصدير النفط العراقي من البصرة الى الأردن ( ميناء العقبة ) ثم إلى إسرائيل ثم إلى الأسواق العالمية او من الأردن إلى مصر ثم إلى إسرائيل سيما أن العراق قد صرح على لسان وزير النفط إحسان عبد الجبار بتاريخ ١٧/٣/٢٠٢١ بأن العراق يعتزم تنفيذ مشروع خط انبوب البصرة – العقبة وإمكانية توسعته إلى مصر، وبالتأكيد سيكون سعر البرميل أقل من سعره في الأسواق العالمية سواء بسبب تكاليف النفط الذي يمر عبر الأردن أو بسبب كثرة العمولات التي تأخذها دول الترانزيت او لدعم النظام المصري المدعوم أمريكيا وبهذا الأسلوب قد ذهب العراق الى التطبيع ضمناً مع الكيان الصهيوني من بوابة النفط والاقتصاد  وسيكون العراق هو الخاسر الأكبر خصوصا أن أبعاد هذا المشروع سوف تضر بعلاقة العراق مع تركيا إذا ما توقف تصدر النفط العراقي من كركوك إلى ميناء جيهان التركي ومعلوم لدى الجميع أن تركيا مستهدفة من قبل الولايات المتحدة خاصة من قبل الرئيس بايدن الذي كان استهداف تركيا جزء من دعايته الإنتخابية وكذلك مستهدفة من قبل حلفاء أمريكا من العرب وتحديداً من قبل السعودية والإمارات وقد ساهمت هذه الدول كثيرا بضرب الإقتصاد التركي عدة مرات، ولكي يعوض العراق خسارتها في هذا المشروع التطبيعي مع الصهاينة سوف تقوم كل من السعودية والإمارات بتعويضه عن هذه الخسارة بحجة الإستثمارات وهي في حقيقتها تعويضات.

إن ما يجري اليوم لا يمكن أن يعتبر ضمن مشروع الوحدة العربية الذي يراد له مواجهة التحديات والمخاطر الصادرة من إيران والكيان الصهيوني بل العكس تماما وأن هذه التحركات ليست نابعة عن إرادة سياسية وطنية ضمن مشاريع تكاملية بين الدول أعلاه لخدمة شعوبها وبناء إقتصاد عربي قوي يستطيع أن يقف في وجه التحديات وأن يكون رقماً صعباً يؤثر في السياسة الدولية والإقليمية بل إن التحركات هي جاءت من خلال املاءات خارجية وتحديدا أمريكية لخدمة إسرائيل ومشروعها التوسعي وبنفس الوقت لا تضر إيران بشيء ولا تعيق تمددها في المنطقة كما لا يمكن أن يطبخ اي مشروع سياسي في الشرق الأوسط بغياب إيران عنه ومن الجدير بالذكر أن إيران كانت تصدر النفط إلى إسرائيل  بعدما أوقف العراق تصدير النفط إليها سنة ١٩٤٨ عبر خط ( كركوك – حيفا ) فقامت إيران بتعويض إسرائيل بالنفط عبر الخط المعروف ( بالتب لاين ) أو ما يعرف بخط ( إيلات – عسقلان ) سنة ١٩٥٩ الذي أنشأته شركة ألمانية وبدأ ضخ النفط الإيراني إلى إسرائيل سنة ١٩٦٨ وعندما استخدم العرب النفط كسلاح في المعركة سنة ١٩٧٣ كانت إسرائيل تحصل على النفط من قبل إيران لذى فلا يمكن تصديق الحرب الإعلامية والكلامية بين إيران وإسرائيل وما هي إلا لذر الرماد في العيون فالقوم في السر غير القوم في العلن، فهم متفقين على العداء للعرب والمسلمين وما خلافاتهم إلا بسبب حجم حصة كل منهما بالسيطرة على المنطقة.

يبقى العراق هو الخاسر الأكبر لهذه المشاريع التطبيعية والمستهدف هي تركيا سواء بقطع تصدير النفط عبر أراضيها أو بدعم المنظمات الإرهابية مثل حزب العمال الكردستاني الذي يتخذ من العراق موقعا له لشن هجماته الإرهابية ضد تركيا بدعم من المال العربي الذي سخر لهم وقد صرح بمثل هذا الكلام عدة مسؤولين سواء من الإمارات أو من السعودية بدعم هذا الحزب وبدعم كل معارضة لتركيا وما زيارة عادل الجبير وزير الخارجية السعودي السابق إلى مناطق سيطرة الأكراد في سوريا سنة ٢٠٢٠ خير دليل على ذلك، أما بقية الدول العربية المشاركة ما هي إلا أدوات لخدمة المشروع الصهيوني برعاية أمريكية.

التعاليق: 0

لن يتم نشر بريدك الالكتروني, الحقول المشار اليها بـ * مطلوبة.

WhatsApp chat