قالن: الشارع العربي لا يدعم “الدعاية السوداء” ضد تركيا

أكد المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، أن الشارع العربي لا يدعم خطة “الدعاية السوداء” التي تنفذها دول خليجية ضد تركيا، كما هاجم بشدة خطة الضم الاسرائيلية لأراض في الضفة الغربية ووصفها بأنها “سياسة اغتصاب واحتلال جديدة”، داعيا في هذا الصدد الجامعة العربية إلى مزيد من الاهتمام بالقضية الفلسطينية بدلا من إصدار البيانات ضد تركيا.

جاء ذلك في تصريحات أدلى بها المسؤول التركي، خلال مقابلة أجراها معه نائب مدير عام الأناضول، رئيس التحرير العام، متين موطان أوغلو. وأوضخ قالن أن “خطة الضم الاسرائيلية غير شرعية، ومخالفة للقوانين، وهي بمثابة مبادرة جديدة للاغتصاب والاحتلال، لذلك فإن أنقرة ترفضها رفضا قاطعا، وتدعو المجتمع الدولي للوقوف بصرامة في وجهها”.

وتابع قائلا: “مثلما سبق أن أظهر المجتمع الدولي تضامنا ضد إعلان القدس عاصمة لإسرائيل، يجب عليه أن يتخذ الموقف نفسه إزاء خطة الضم الاسرائيلية. يجب على الدول العربية والجامعة العربية والأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأوروبي والمؤسسات والمنظمات الدولية الأخرى، إظهار موقف صارم ضد هذه الخطة”. وأضاف أن “سياسات الضم والاحتلال الإسرائيلية ساهمت في تعقيد القضية الفلسطينية، وقضت على كافة المبادرات الرامية للسلام وحل الدولتين وإحلال الاستقرار وتحقيق الرخاء الاجتماعي”.

وأشار إلى أن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن منذ بداية حياته السياسية أنه لا يؤمن بمبدأ حل الدولتين، وأنه جعل معارضته لهذا المبدأ ركيزة من ركائز حزب الليكود. وأردف قائلا: “الأن يجب على كل من يؤمن بحل الدولتين في الولايات المتحدة الأمريكية وبين الجماعات اليهودية أن يعارض هذه الخطة، وعلى الفاتيكان أن تعارضها أيضا، فأمر تلك البقعة الجغرافية يهم المسيحيين أيضا، أما الدول العربية فهي معنية بشكل مباشر، وعليهم رفع أصواتهم أكثر ضد هذه الخطة”.

وأوضح أن الرئيس رجب طيب أردوغان أجرى عدة اتصالات هاتفية مع زعماء عرب وغربيين بهذا الخصوص، وأنه أبلغ روساء الولايات المتحدة دونالد ترامب، وروسيا فلاديمير بوتين، وفلسطين محمود عباس، بجانب ملك الأردن عبد الله الثاني والمستشارة الألمانية إنجيلا ميركيل، برفض بلاده القطعي لهذه الخطة.

ووصف قالن الخطة بأنها ” سياسة اغتصاب واحتلال جديدة”، لافتا أن ردع اسرائيل وإجبارها على التراجع عن خطة الضم، يكمن في “موقف صارم من قِبل المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي والدول العربية”.

وتابع قائلا: “في حال تجاهلنا هذه الخطة فإننا نكون قد فتحنا الباب أمام كارثة جديدة في الشرق الأوسط، فقد رأينا كيف قامت اسرائيل باحتلال الأراضي الفلسطينية منذ عام 1947، وقد أوضح ذلك الرئيس أردوغان عبر الخرائط في الجمعية العامة للأمم المتحدة”. وعن مواقف الدول العربية حيال المخطط الإسرائيلي، قال قالن، إنها “غير كافية، ويتعين على جامعة الدول العربية إيلاء المزيد من الاهتمام للقضية الفلسطينية، بدلا من إصدار قرارات ضد تركيا”.

تركيا تتعامل مع الحكومات الشرعية

وردا على سؤال حول اتهام بعض الأوساط العربية لتركيا أنها تبني سياساتها الخارجية على أساس الفكر الإخواني و”العثمانية الجديدة”، قال قالن: “هذه ادعاءات لا أصل لها ترمي لتشويه حقيقة السياسة الخارجية التركية، ولا توجد أي وقائع ملموسة تثبت صحة هذه الادعاءات”.وأضاف أن تركيا تعاملت مع الجهة التي اعتلت السلطة في مصر بشكل شرعي بعد الرئيس الأسبق حسني مبارك، وكذلك في تونس، إثر الثورات الشعبية في هذين البلدين.

وأشار إلى أن تركيا تعاملت أيضا مع الشرعية في ليبيا دون النظر إلى توجهات الجهة التي وصلت إلى السلطة بالطرق الشرعية، وشدد أن أنقرة لم تميز مع هذه الدول وغيرها بين من يؤيد الإخوان أو المقربين من أوروبا والقوميين.

وتساءل قائلا: “عندما بدأت الحرب في سوريا، هل دعمت تركيا جماعة الإخوان المسلمين؟، قبل أن يجيب قائلا: “كلا بل دعمنا الشعب السوري، فالأسد أغار على كل من عارضه من عرب وأكراد وتركمان وسنّة، وتركيا فتحت أبوابها لكافة المظلومين”.

ولفت إلى أن الدعاية السوداء التي تقوم بها بعض دول الخليج بحق تركيا، لا تحظى بدعم الشارع العربي، داعيا زعماء تلك الدول إلى الإدراك بأن “تحركاتهم ضد تركيا في الواقع تُبعد شعوبهم عنهم”. على صعيد أشار قالن أنه “في الأونة الأخيرة، باتت الخطابات الليبرالية الدولية تستخدم تعبير الحركات الاسلامية والأحزاب الاسلامية والإخوان المسلمين، كأداة للتخويف”. وتطرق قالن إلى وصف مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق جون بولتون للرئيس التركي بـ”الإسلامي الراديكالي”، في كتابه الذي صدر مؤخرا. وقال في هذا السياق: “تحدثت مع بولتون كثيرا قبل عزله من منصبه، فلم يسبق أن ذكر لي شيئا من هذا القبيل، وعموما سبب فريته هذه، هو أن هذه العبارات باتت شائعة جدا” وعادية في الأوساط الغربية.

يجب حل الأزمة السورية استنادا إلى القرار الأممي رقم 2254

وفيما يخص الملف السوري، قال قالن، إن الدوريات المشتركة بين القوات التركية والروسية تجري حاليا في محافظة إدلب، بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوقيع عليه بين الرئيسين أردوغان وبوتين يوم 5 مارس/آذار الماضي. وأوضح أن اتفاق وقف إطلاق النار يُطبّق بنسبة كبيرة، غير أن النظام السوري ينتهك تلك الاتفاقية بين فترة وأخرى. وأشار إلى التقرير الصادر عن لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الذي أكد ارتكاب النظام السوري جرائم حرب من خلال اعتداءاته على المدنيين في إدلب.

واستطرد قائلا: “هذا ما كانت تركيا تقوله منذ بداية الأزمة السورية، فالنظام حاول كسب المزيد من المساحات عبر معاقبة المدنيين، واستخدم لتحقيق هذه الغاية البراميل المتفجرة والأسلحة الكيميائية، وحصلت نتيجة ذلك مجازر ومقابر جماعية ومأساة إنسانية كبيرة”.

وتابع: “المشكلة لم تُحل بالكامل لكن تم ضبط قسم منها، يمكننا القول أن هدوءًا نسيبا حصل حاليا في إدلب. لكننا نطلب تحويل إدلب إلى منطقة آمنة بكل معنى الكلمة، وقد صرح بهذا الرئيس أردوغان خلال القمة الثلاثية الأخيرة مع نظيريه الروسي والإيراني”. ونوه أنه في حال لم يتم تحقيق الأمن في إدلب، فإنه من غير الممكن على المدى البعيد الإبقاء على 3.5 مليون شخص محاصرين في تلك البقعة الضيقة في إدلب، وبالتالي لن يكون لديهم مجال للذهاب إلى مكان آخر سوى تركيا.

وأشار إلى استمرار فعاليات تنظيم “ي ب ك/ ب ي د” الإرهابي في سوريا، مبينا أن التنظيم يقوم بأنشطة إرهابية متعددة تارةً في منطقة تل رفعت وتارةً في شرق الفرات، ويهاجم المدنيين. وأكد قالن أن بلاده لن تسمح بمثل هذه الممارسات، وستواصل مكافحتهم، مبينا أن الجنود الأتراك يواصلون أنشطتهم في شرق الفرات من أجل إحلال الاستقرار والتهدئة فيها.

وأردف قائلا: “في نهاية المطاف يجب حل الأزمة السورية استنادا إلى القرار الأممي رقم 2254 وتشكيل حكومة انتقالية وإجراء انتخابات عادلة وتوفير هيكلية سياسية يتمتع فيها الجميع بحق التمثيل، ومن الواضح أن هذا لن يجري من قِبل نظام الأسد”.

وردا على ادعاءات مفادها أن الأسد سيتخلى عن منصبه وسيلجأ إلى دولة أخرى، قال قالن: “هذه مجرد ادعاءات، وتم تكذيبها لاحقا من قِبل جهات مختلفة. فالإعلام الروسي تناول هذه الادعاءات، ومن ثم فنّدوها.

واستطرد قائلا: “ما يجب فعله في سوريا، هو تحقيق تقدم في المسار السياسي بموجب القرار الأممي رقم 2254، وإكمال أعمال لجنة صياغة الدستور التي ستجتمع في أغسطس القادم، ومن المهم أن تكون النتيجة التي ستصدر عن اللجنة ملزمة للجميع”. وشدد على وجوب عدم إطالة أعمال اللجنة لسنوات طويلة، مشيرا أن النظام يبذل قصارى جهده لعرقلة عمل اللجنة، لأنه يدرك أو يعتقد أن ما سيصدر عنها لن يكون لصالحه. كما شدد على وجوب وقف الاقتتال وإتاحة الفرصة لعودة السوريين إلى ديارهم.

المصدر/ الأناضول

التعاليق: 0

لن يتم نشر بريدك الالكتروني, الحقول المشار اليها بـ * مطلوبة.

WhatsApp chat