في ذكرى تأسيس القوات الجوية التركية..تفوق في أداء الطائرات المسيّرة وتراجع عدد الطيارين

احتفلت القوات الجوية التركية، أمس الإثنين، بذكرى مرور 109 سنوات على تأسيسها في ظل مفارقة غير مسبوقة تتمثل في تراجع أعداد وكفاءة الطيارين الحربيين، وتراجع الاعتماد على الطائرات الحربية التقليدية، مقابل تحقيق تقدم عالمي كبير في مجال تطوير وصناعة واستخدام الطائرات المسيرة المقاتلة. وعقب محاولة الانقلاب العسكرية الفاشلة التي شهدتها البلاد في الخامس عشر من يوليو/تموز عام 2016، شنت السلطات التركية حملة اعتقالات ومحاكمات وفصل من الخدمة العسكرية بحق عشرات آلاف العسكريين المتهمين بالمشاركة في محاولة الانقلاب بشكل مباشر أو الانتماء إلى تنظيم غولن الذي بات يصنف «إرهابياً» في البلاد.
ومن بين هؤلاء، كان هناك مئات الطيارين من خيرة القوات الجوية المدربين على مدى العقود الماضية على استخدام الطائرات الحربية والمروحيات العسكرية المتطورة ومنها طائرات إف 16.
وحسب تقارير غير رسمية تركية ودولية، حملة التطهير الواسعة هذه أدت إلى تراجع أعداد وكفاءة قدرات الطيارين العسكريين في سلاح الجو التركي، وذلك بعدما جرى استبعاد جزء مهم من خيرة الطيارين الذين حصلوا على تدريبات متقدمة واحترافية في الولايات المتحدة أو في إطار مناورات حلف شمال الأطلسي الناتو، وهم من يمتلكون خبرة كبيرة وتجربة في العمليات العسكرية، حيث شارك بعضهم منذ عقود في العمليات الجوية ضد تنظيم بي كا كا الكردي داخل وخارج البلاد، وغيرها من العمليات الجوية المتقدمة.
ولتعويض النقص، تقول هذه التقارير إن القوات الجوية اضطرت لاستيعاب طيارين وخريجي كليات حربية جدد لا يتمتعون بنفس الكفاءة والقدرة، ما أدى إلى تراجع أعداد الطيارين وكفاءتهم الحربية والعملياتية، وهو ما ترفضه الحكومة التركية التي أكدت مراراً وفي مناسبات مختلفة على أن حملات التطهير الواسعة التي قامت بها ضد المشتبه بانتمائهم لتنظيم غولن أدت إلى «رفع كفاءة وتماسك وقدرات الجيش التركي بشكل كبير».

تقدم لافت للأسلحة الوطنية
وقال الرئيس رجب طيب اردوغان إن العمليات العسكرية المتتالية التي نفذها الجيش التركي في سوريا خلال السنوات الماضية (درع الفرت، غصن الزيتون، نبع السلام) أثبتت قوة الجيش التركي وتماسكه، كما ركز على دور الأسلحة الوطنية التي بين أن الجيش بات يعتمد عليها بنسب تصل إلى 70٪ بعد أن كان يعتمد بنسبة أكثر من ذلك على الأسلحة المستوردة والتي رهنت قرار البلاد للخارج.
وأدى شراء تركيا منظومة أس 400 الدفاعية الروسية إلى إحباط مشاركة تركيا في صناعة وشراء طائرات إف 35 الحربية الأحدث في العالم والتي تعتبر تركيا شريكاً رئيسياً في صناعتها وكانت ستمتلك أكثر من 100 طائرة منها، كما أوقف برنامج تدريب الطيارين الأتراك على قيادة الطائرة، ما وجه ضربة كبيرة لجهود تطوير قدرات وكفاءة سلاح الجو. وفي مقابل هذا الجدل، تبدو الأمور أوضح بكثير فيما يتعلق بالطفرة الاستثنائية التي شهدها قطاع تطوير وصناعة واستخدام الطائرات المقاتلة المسيرة والتي حققت فيها تركيا نجاحاً استثنائياً، وعلى مستوى عالمي جعلها بين أهم 6 دول في العالم تنتج هذا النوع من الطائرات، في حين تقول التقديرات التركية الجديدة عن أحدث نسخة من طائراتها المسيرة تضعها بين أهم 3 دول في العالم تصنع هذا النوع من الطائرات.
ومنذ سنوات، طورت الصناعات الدفاعية التركية عدة نسخ من طائرات من دون طيار استطلاعية وهجومية كان أبرزها طائرة بيرقدار التي أشرف على تطويرها صهر الرئيس اردوغان سلجوق بيرقدار، واستخدمها الجيش التركي على نطاق واسع في العمليات العسكرية لا سيما في سوريا تحديداً في معركته الأخيرة مع النظام السوري نهاية العام الماضي كما تفوقت بشكل غير مسبوق في المعارك الدائرة في ليبيا ضد ميليشيات حفتر والمرتزقة الداعمين له.

نجاج بيرقدار 
وخلال هذه العمليات، برز قدرة الطائرة التركية الحديثة على استهداف العربات العسكرية المتنقلة وصولاً لتدمير الدبابات واستهداف أنظمة دفاعية متطورة كان أبرزها منظومة «بانتسير» الروسية التي دمرت منها العديد في سوريا وما لا يقل عن 10 منها في ليبيا ما منح الطائرة سمعة متقدمة جداً في سوق الصناعات الدفاعية حول العالم، وباتت اليد الطويلة للجيش التركي في عملياته الأخيرة خارج البلاد وسد مكان أي عجز محتمل في الطائرات الحربية التقليدية وأداء طياريها وتراجع أعدادهم.
وقبل أيام، كشفت شركة «بيرقدار» عن أحدث نسخة من طائرات المسيرة القتالية وتدعى «أقنجي»، حيث تقول الشركة إن الطائرة الجديدة التي يبلغ طول جناحيها 20 متراً ووزنها 5.5 أطنان تتميز بقدرات مضاعفة عن النسخة السابقة لا سيما فيما يتعلق بقدرتها على الطيران لساعات طويلة جداً وعلى ارتفاعات شاهقة ورصد الأهداف بدقة أعلى وحمل صواريخ بأوزان كبيرة جداً لتقوم بمهام متقاربة جداً من الطائرات الحربية التقليدية.
كما تقول تركيا إنها تعمل على برنامج لصناعة طائرة حربية من الجيل الخامس يمكن أن تعمل بلا طيار ستكون جاهزة بحلول عام 2023. وبينما يرى مختصون أن العالم يتجه إلى التكنولوجيا الحديثة وأن تقدم تركيا في برنامج الطائرات المسيرة يضعها في مكانة متقدمة عالمياً، يرى آخرون أن تراجع أعداد وكفاءة الطيارين في سلاح الجو التركي وخسارة طائرة إف 35 أدى إلى تراجع قدرات سلاح الجو التركي وإحباط مساعي تطويره، وأن الطائرات المسيرة مهما تطورت لا يمكنها أن تقوم بمهام الطائرات الحربية المتطورة من الجيل الخامس.

المصدر/ القدس العربي

التعاليق: 0

لن يتم نشر بريدك الالكتروني, الحقول المشار اليها بـ * مطلوبة.

WhatsApp chat